الاستعارة وأنواعها

الاستعارة وأنواعها 

الاستعارة وأنواعها درس من شرح الاستاذ مصطفى خميس.
 

 

تعريف الاستعارة.

 تُعرّف الاستعارة بأنها ادّعاء معنى الحقيقة في الشيء للمُبالغة في التشبيه والاستعارة هي تشبيه حُذف أحد طرفيه. ولا بُدّ من وجود قرينة دالّة على المُشبّه والمُشبّه به.

 

بلاغة الاستعارة.

وتنقسم بلاغة الاستعارة إلى:

الاستعارة بحسب طرفيها قُسّمت أركان الاستعارة باعتبار المُستعار منه وباعتبار ما يُذكر من الطرفين (المُشبّه والمُشبّه به)، إلى ما يأتي. 

 

 

الاستعارة التصريحية.

 عرّف السكاكي الاستعارة التصريحية بأنّها هي أن يكون الطّرف المذكور من طرفي التّشبيه هو المُشبّه به. أي أن يُصرّح بالمُستعار منه (المُشبّه به)، وأن يُحذف المُستعار له (المُشبّه)، وفي ما يلي أمثلة عن الاستعارة التصريحية:

 

 

أمثلة على الاستعارة التصريحية.

 نَسِيَ الطينُ ساعَةً أَنَّهُ طينٌ حَقيرٌ فَصالَ تيها وَعَربَد شبّه 

الشاعر في هذا البيت الإنسان بالطين، فحذفَ المُشبّه وهو الإنسان، بينما صرّح بالمُشبّه به وهو الطين، فالاستعارة هنا هي استعارة تصريحيّة.

 

 

أمثلة على الاستعارة التصريحية في القرآن الكريم.

قال الله سبحانه وتعالى: "اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ" شبّهت الآية الكريمة السابقة الكُفر بالظُّلمات. كما شبّه الإيمان بالنور، ولكنّه حُذف المُشبّه وهو الكُفر والإيمان، وصُرِّح بالمُشبّه به الظّلمات والنّور، وذلك على سبيل الاستعارة التصريحية.

 

وأقبَلَ يَمشي في البِسَاطِ فَما دَرى إلى البَحرِ يَسعى أم إلى البَدرِ يَرتقى شبّه الشاعر في البيت السابق سيف الدولة بالبحر والبدر. وذلك في رفعة مَقامه وجوده وكرمه، بيد أنّه ذكر المُشبّه به وهما البحر والبدر، وحذف المُشبّه سيف الدولة، والاستعارة هنا هي تصريحيّة.

 

 

 

 الاستعارة المكنية 

عرّف السكاكي الاستعارة المكنيّة في البلاغة، بأنّها هي أن تذكُرَ المُشبّه وتُريد به المُشبّه به دالًا على ذلك بقرينة قائمة بالجملة، وتلك القرينة هي في أصلها من لوازم المشبّه به. ويُضيف عبد القاهر الجرجاني إلى أنّ الاستعارة المكنيّة هي في أصلها تقوم على المُزاوجة بين وجهين. أي بين الكناية والاستعارة؛ وذلك لأنّ المُستعار يُحذف من السّياق، إلا أنّه يرد بعض القرائن اللازمة له.

 

ومن الأمثلة على بلاغة الاستعارة المكنية:

 وَإِذا المَنِيَّةُ أَنشَبَت أَظفارَها أَلفَيتَ كُلَّ تَميمَةٍ لا تَنفَعُ شبّه 

الشاعر في البيت السابق المنيّة بالحيوان المُفترس كالسبع، ولكنّه حذف المُستعار منه أي المُشبّه به وهو السبع. وصرّح بالمُشبّه والمُستعار له وهو المنيّة، كما أبقى على قرينة دالّة وجامعة بينهما وهي الأظفار، إذًا فالاستعارة هنا مكنيّة.

 

 قال الله سبحانه وتعالى: "وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ" شُبّهت الريح التي لا تحمل المطر في الآية الكريمة السابقة بالمرأة العاقر التي لا تحمل الجنين، فالمستعار منه أي المُشبّه به المرأة محذوف. بينما صُرِّح بالمُشبّه المُستعار له وهو الريح، والقرينة هنا هي كلمة عقيم، والجامع بين الريح والمرأة هي الإخصاب.

 

 

 قال الحجاج بن يوسف الثقفي: "والله إنّي لأرى رؤوسًا قد أيْنَعت وقد حانَ قطافها". شبّه الحجاج رؤوس مخاطبيه بالشجر الذي أثمر، فحذف المُستعار منه وهو الشجر المُثمر واليانع، وصرّح بالمستعار له وهي الرؤوس. والقرينة الدالّة على المُشبّه والمشبّه به هي كلمة أينعت، والجامع بينهما هو الارتفاع على الأصل والجذوع، والاستعارة هنا هي مَكنيّة.

 

  

الاستعارة بحسب الكلمة التي تقع فيه تعتمد الاستعارة في هذا النوع على لفظ المُستعار منه، ويجب أن يكون أصلًا في الكلام أي جامدًا، أو تابعًا لذلك الأصل أي مشتقًا، وتنقسم هذه الاستعارة إلى قسمين هما:

 

 

 

 الاستعارة الأصلية

 هي الاستعارة التي يكون بها لفظ المُستعار منه أي المُشبّه به جامدًا، أي اسم معنى أو اسم جنس، مثال ذلك:

 

قامَتْ تُظَلِّلُنِي ومِنْ عجَبٍ شَمْسٌ تُظَلِّلُنِي مِنَ الشَّمْسِ شبّه الشّاعر الفتاة بالشّمس، بسبب شدّة إشراقها بحياته، فالمُستعار منه المُشبّه به هو الشمس، وقد صرّح به الشّاعر، أمّا المُشبّه وهو المستعار له الفتاة فهو محذوف، والاستعارة هنا هي استعارة تصريحيّة أصليّة؛ ذلك لأنّ كلمة الشّمس المُصرّح بها هي المُشبه وهي اسم جامد.

 

قال الله سبحانه وتعالى: "وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا"

 شبّهت الآية الذلّ بالطائر، والطائر هو المُستعار منه غير المذكور، ولكن كنّي عنه بشيء منه وهو الجناح، والمُستعار له هو الذل، والجامع بين المُشبّه والمُشبّه به هو الانقياد من خلال القرينة الدالة وهي كلمة أخفض، والاستعارة هنا هي استعارة مَكنيّة أصليّة، فالطائر هو اسم ذات بمنزلة الجامد.

 

 

 الاستعارة التبعية

هي الاستعارة التي يُشترط بها أن يكون لفظ الاستعارة إمّااسمًا مشتقًّا، أو فعلًا، أو اسم الفعل، أو اسمًا مُبهمًا، أو حرفًا، مثال ذلك:قال الله سبحانه وتعالى: "قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا".

 

إنّ المستعار منه في الآية الكريمة السابقة هو النار، أمّا المُستعار له فهو الشّيب، وقد اشتقّ الفعل اشتعل من الاشتعال، والاستعارة هنا هي مكنيّة وتبعية؛ لأنّ لفظ الاستعارة هو اسم مُشتقّ.

 

السُّحب تركضُ في الفَضاءِ الرّحب رَكض الخَائِفين والشَّمس تَبدو خَلفها صَفراء عَاصِبة الجَبين شبّه الشّاعر حركة السّحب في السّماء بالركض، فحذف المُستعار له وهي تحرُّك السّحب، وصرّح بلفظ المُستعار منه وهي السُّحب تركض، والفعل تركض هو مشتقّ من الركض، لذلك فالاستعارة هي تصريحيّة تبعيّة.

 

الاستعارة بحسب توافق الطرفين هي الاستعارة المصرّحة باعتبار الطرفين واجتماعهما على شيء واحد أو عدم اجتماعهما، وتقسم إلى:

 

 

 

 الاستعارة الوفاقية

 هي الاستعارة التي يُمكن اجتماع أركان التشبيه أيّ من طرفيها المُشبّه والمُشبّه به في شيء واحد، وذلك بسبب التّوافُق بينهما. وهي تُشبه التّشبيه التمثيليّ، فكلاهما يبحثان في الصورة المُركبة والمشتركة بين طرفي التشبيه، مثال ذلك:قال الله سبحانه وتعالى: "فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّه مَرَضًا".

استُعير هنا المرض للنّفاق، إذ شبّهت الآية النفاق بالمرض، فالنفاق هو المُشبّه المحذوف، أمّا المرض فهو المُشبّه به المذكور، والاستعارة هنا هي تصريحيّة وفاقيّة. بسبب التّوافُق بين المُشبّه والمُشبّه به، فالمرض والنفاق يجتمعان في شيء واحد وهو مكانهما في قلب الإنسان.

 

 قال الله سبحانه وتعالى: "وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ"

 إنّ الاستعارة في الآية الكريمة بلفظة العمى فهي دالّة على الكفر، إذ شبّه العمى بالكفر، والمُشبّه الإنسان الأعمى مذكور، أمّا المُشبّه به الإنسان الكافر محذوف، والاستعارة هنا مكنيّة وفاقيّة؛ لأنّ العمى والكفر يتّفقان باجتماعهما بقلب الكافر. 

 

 

 

الاستعارة العنادية 

هي الاستعارة التي لا يُمكن الاجتماع بين طرفيها ولا بشيء واحد، وذلك لتنافيهمها وظهور التضاد بينهما، مثال ذلك:

 

 قال الله سبحانه وتعالى: "إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاء إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ"

 استعير في الآية السابقة بلفظة الموتى للدّلالة على الكفرة الأحياء، ولا اجتماع بشيء بين الموتى والأحياء، بل يُعدّ الطباق بينهما، فصُرّح بالمُشبّه الموتى، وحُذف المشبّه به وهم الكفرة من الأحياء، والاستعارة هنا هي استعارة مكنيّة عناديّة.

فَلَم أَرَ بَدرًا ضاحِكًا قَبلَ وَجهِها وَلَم تَرَ قَبلي مَيِّتًا يَتَكَلَّمُ 

 

استُعير في البيت الشعري السابق كلمة ميتًا، للدّلالة على مَن أضناه الحبّ وأسقمه العشق، ولا يُمكن اجتماع العاشق المُتيّم والميت بشيء، ولذلك فالاستعارة هنا عناديّة، حُذف المشبه وهو الإنسان العاشق، وصُرّح بالمُشبّه به وهو الميت، والاستعارة هي تصريحيّة.

 

♡الاستعارة من حيث اقتران طرفها ببعض الصفات يُعدّ هذا النوع من الاستعارة باعتبار ما يرتبط بها من صفات تُلائم المُستعار له أو المُستعار منه، وليس من المُهمّ النّظر إلى القرينة الدالّة في هذا النّوع، ذلك لأنّها جزء أصيل من الاستعارة، أمّا عن هذه الصفات الطّارئة في هذا النوع فهي:

 

الاستعارة المرشحة

 

 هي الاستعارة التي اقترنت بما يُلائم المُستعار منه فقط، مثال ذلك:

 أتَى الزّمَانَ بَنُوهُ في شَبيبَتِهِ فَسَرّهُمْ وَأتَينَاهُ عَلى الهَرَمِ شبّه المتنبي في البيت السابق الزّمان بإنسان، وذلك لوجه الشّبه بين التطوّر والتحوّل من حالٍ إلى آخر، إذ حُذف المُستعار منه وهو الإنسان، وصُرّح بالمُستعار له وهو الزمان، والاستعارة هنا مكنيّة أصليّة؛ لأنّ لفظ المُستعار منه اسم جامد، مُرشّحة أي لأنّه ذكر فيها ما يُلائم المُستعار منه وهي كلمة (بنوه).

 

 

 

الاستعارة المجردة 

هي الاستعارة التي اقترنت بما يُلائم المُستعار له فقط، مثال ذلك:

يا نهرُ هل نضبتْ مياهُكَ فانقطعتَ عن الخرير

 أم قد هَرِمْتَ وخار عزمُكَ فانثنيتَ عن المسير؟ 

 

شبّه الشاعر في البيت السابق النّهر بإنسان، فحذف المستعار منه وهو الإنسان، وكنّي عنه بشيء من خصائصه وهي أداة النداء للعاقل. والاستعارة هنا هي مكنيّة أصليّة ومُجردة؛ لأنّ الشاعر أتى بما يُلائم المُستعار له وهي: (نضبت، ومياهك، وانقطعت عن الخرير)، فهذه صفات عائدة على النّهر وهو المُستعار له.

 

 

 

 الاستعارة المطلقة 

 

هي الاستعارة التي اقترنت بالمُستعار منه والمُستعار له معًا، كما يُمكن ألّا تقترن بأيّ من المُستعار له والمُستعار منه، فهي إمّا تقترن بالاثنين معًا أو تنفصل عنها معًا، مثال ذلك:

 

 إِذا غامَرتَ في شَرَفٍ مَرومٍ فَلا تَقنَع بِما دونَ النُجومِ شبّه الشاعر في البيت السابق الغابات البعيدة بالنجوم، إذ حذف المُستعار له وهو الغابات. وصّرح بالمُستعار منه النجوم، والاستعارة تصريحيّة أصليّة، والشاعر لم يأتِ بما يُلائم المُستعار منه أو المُستعار له، لذلك فهي استعارة مُطلقة.

 

 

https://www.et3lom.com/2022/01/borrowing-and-its-types.html

 

 

 

 

الحقيقة والمجاز

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -