الملتحي المتوحش الفصل الثالث

الملتحي المتوحش الحلقة الثالثة

الملتحي المتوحش الفصل الثالث


 كنت في منتهى السعادة بتلك المشاعر وأحلم كيف أسعده وأجعله مرتبطا بي لباقي عمره . 

بعد يومين من خطبتنا اتصل بي وقال أنه يشعر بالغضب لأن النقاب يحول بينه وبين ملامحي الجميله.

 ثم طلب مني أن أكشف النقاب ليرى وجهي عندما يكون في بيتنا فوافقته لأنه قال لي أن الرؤية الشرعية من حقه بعد الخطبه وشرح لي معناها وهو أن يرى وجهي لأني خطيبته.

ولأني كنت جاهلة بديني وبما يجوز ولا يجوز فصدقته. 

استطاع بلبقاته أن يقنعني أنا وأمي فصرت أكشف وجهي أمامه ، كان يستغل غياب أمي في المطبخ لإعداد الشاي أو القهوة له ليقترب مني ويمسك بيدي وأراد مره أن يقبلني ولكني منعته بالقوة وانا أكاد أستسلم له بسبب تعلقي به وضعفي أمامه حتى جاءت أمي فابتعد مسرعا وحمدت الله أني لم أضعف.


كان يبرر تصرفاته بأنه يحبني ولا يقدر على بعدي أكثر من هذا، فقلت له (عجل بالزواج) فقال إن إمكانياته ضعيفه ولا يستطيع توفير شقه حاليا .

فعرضت عليه أن نتزوج في بيتنا لنكون بجوار أمي وأيضا نوفر نفقات السكن الخاص وتأثيثه فوعدني أنه سيفكر في هذا وسيستشير والدته التي لم أرها منذ خطبتنا وهو يدعي أنها مريضة فعرضت عليه زيارتها أنا وأمي فقال أنه سيحدد لنا موعدا ولم يحن ذاك الموعد أبدا.

و رغم رغبته الواضحة ولهفته علي ، إلا أني كنت أشعر أنه غير صادق ولا جاد فكلما ذكرت الزواج أمامه أجده يماطل ، لكني قلت لنفسي أني أتصور أشياء ستفسد علي سعادتي.

بعد عدة أيام مرضت الحاجة أم خالد وأرادت أمي زيارتها في المستشفى لكن جمال منعني بحجة أنه يغار علي من الرجال وخاصة خالد ذلك المتجهم الذي يكرهه بشده .

وقال لي جمال أنه يظن أن خالد يغار منه فرحت كثيرا بغيرة جمال ولم أذهب مع أمي إنما بقيت في البيت لأرضي جمال . 

اشتد المرض على أم خالد فتبادلت أمي مع خالد البقاء بجوارها لأنهم لم يكن لهم أقارب بالقاهرة، وكانت أمي وأم خالد بمثابة شقيقتين يتشاركان الأفراح والأحزان، فكانت أمي ترى أن رعاية أم خالد واجب عليها.


في يوم اضطرت أمي للمبيت مع أم خالد بدلا عنه لأنه كان لديه عمل ضروري لابد أن يقوم به وعرف جمال ذلك من خلال حديثي التليفوني ورفضي أن يأتي لزيارتي بسبب غياب أمي.


لكني فوجئت به يطرق الباب ففتحت وذهلت من وجوده أمامي فاستغل دهشتي فدفع الباب ودخل وأغلقه خلفه، عندما استعدت شجاعتي قلت له:


-أمي ليست هنا لايصح وجودك معي بمفردنا
-ولم لا ألست خطيبك؟؟ لنجلس قليلا معا أحتاج أن أتحدث إليك بمفردنا.


وجذبني من يدي وأجلسني على الأريكة وجلس بجواري واقترب مني مبتسما وقال:
-افتقدتك كثيرا ولم أستطع أن يمر اليوم دون أن أراك ، أنا مشتاق لك كثيرا وأريد أن أراك بلا حجاب، أريد أن ألمس شعرك أريد أن أراه منسدلا على كتفك
مد يده برقة ليفك حجابي فابتعدت قائله:


-أرجوك لا يصح يا جمال أن تراني بلا حجاب وعندما نتزوج ستفعل ما تريد
-لاطاقة لي للإنتظار حتى الزواج ألا تحبينني؟؟ ألا تشعرين بالشوق إلي كما أشتاق إليك؟؟ 

يالقسوة قلبك
اقترب مني كثيرا حتى صارت أنفاسه الحارة تلفح وجهه ورأيت في عينيه نظرة لا علاقة لها بالحب إنما هي نظرة شيطانية.


شعرت بالخوف الشديد وحاولت أن أدفعه لكنه كان أقوي مني وراح يغمرني بقبلاته وأنا أحاول الابتعاد عنه ولا أستطيع ،حتى جذبني على الأرض وأنا أحاول التخلص منه.

واستجمعت قوتي وركلته في بطنه فتألم فقمت مسرعة تجاه الباب وحاولت أن أفتحه لكن كان أسرع وأقوى فلحقني فأغلقه ومزق ملابسي حتى ظهر جسدي أمامه فتحول لذئب جائع وألصقني بالباب وراح ينهشني .

فصرت أصرخ وأركل الباب بقدمي لعل أحدا يتقذني فجذبني نحو الأرض مرة أخرى وأنا أصرخ وأقاومه بكل قوتي لكن قوته كانت لها الهيمنه فاستطاع شل حركتي.


عندها عرفت أني انتهيت ولأول مرة من خلال دموعي تذكرت الله ودعوته أن ينجيني من هذا الوحش.

وفجأة سمعت صوت كسر الباب وفوجئت بشخص يمسك بجمال ويضربه بقوة لم أنظر إليه إنما كان كل همي أن أستر نفسي فقمت مسرعة لأستر جسدي بمفرش السفرة وأغطي رأسي بمعظمه بعدما مزق جمال حجابي وملابسي .


وعندما نظرت إليه وجدت خالد قد أوسع جمال ضربا وعندما انتهى نظر إلي نظرات نارية ظننته سيقتلني بعدها وقال لي بحدة :
-ارتدي ملابسك وسنسلمة للشرطة وتحكي ماحدث
شعرت بالفزع وخاصة عندما قال جمال:


-سأقول خطيبتي والجيران سيشهدون بذلك وسأقول هي من دعتني لبيتها وحتى إن اتهمتني بمحاولة إغتصابها سأطلب الزواج منها وتنتهي القضية و ماسيحدث هو فضيحة للهانم المحترمة وليس لي فالقانون معي.


غضب خالد وصفعه مرة أخرى فقلت له من خلال دموعي:
-أرجوك أتركه لا أريد فضائح فلن يقف بجواري أحد وسيكون الكل في صفه وإن طلب الزواج مني سيغتصبني كل يوم، أرجوك دعه يذهب.


جذبه خالد من ملابسه خارج الشقة وأغلق الباب وراءه وارتميت على الأرض أبكي وأحمد الله أنه نجاني، قمت وخلعت ملابسي الممزقة وأخفيتها عن أمي واغتسلت وداويت جراح جسدي لكن جراح قلبي لا يستطيع أحد أن يداويها.


كانت صدمتي في جمال أكبر من الوصف ومن كل الكلمات، كنت أظنه يحبني لكنه كان يرغب في جسدي فقط.

 كنت أظنه سندي الذي سيحميني من غدر الناس فإذا به الذئب الذي يريد افتراسي، كنت أظنه رجلا فوجدته متوحشا.


في الصباح اتصلت أمي لتخبرني بوفاة أم خالد وهي منهارة فقد كانت لها الأخت والصديقة في كل الأوقات.

جريت إلى المستشفى وأنا أبكي فقد كانت امرأة طيبة تساعد الكل وتحب الناس ورغم ضيق ذات يدها لم تكن تبخل على أحد أبدا.

وجدت أمي تبكي وخالد لايستطيع منع دموعه، فشعرت بالذهول من هذا المشهد، يا الله أهذا المتجهم القاسي حاد النظرات يبكي مثلنا؟؟ أله قلب مثلنا؟ 


أيدرك معنى الوجع ويستشعر ألام الفقد مثلنا؟ لم أعرف أأشفق عليه أم أشمت فيه؟؟ كنت أكرهه لأنه رأني في هذا الوضع المهين ولابد أنه سيحكي للجميع ماحدث معي ويفضحني أو سيسكت ويبتزني مقابل سكوته.


لكن رغم ذلك شعرت بشئ من الشفقة تجاهه فالإنسان مهما بلغت قسوته فلابد أن يهتز لفقد أمه.


سكت في إنتظار ما سيفعله بي خالد وكنت على يقين أنه لن يترك الموقف يمر دون أن يستغله، مرت أيام العزاء وسألتني أمي كثيرا عن جمال فقلت لها:


-لقد تشاجرنا معا لأني اكتشفت أنه خطبني ضد رغبة أمه وأنها رافضة لزواجنا هي وكل أسرته لأن أخي إرهابي كما تقول ففسخت الخطوبة لأني لن أقبل أن يتعالى علينا أحد كما لا أقبل إهانة أخي.


سكتت أمي كعادتها ولم تقل رأيا، وبعد عدة أيام اتصل بها خالد وقال إنه ذهب لجمال الذي أخبره برغبته في فسخ الخطوبة وعدم الدفاع عن حسن فأخذ خالد منه أوراق القضية وأعطاها لمحامي يعرفه شكرته أمي على تعبه معنا.

ذهب خالد لزيارة حسن وأخبره أن جمال فسخ الخطوبة –ولم يذكر السبب- وأنه يريد أن يعقد قرانه علي لنصبح في حمايته ولن يتم الزواج إلا بعد براءة حسن.

وافق حسن وأرسل معه خطاب بخط يده يخبرني فيه بالموافقة، لم يفكر أحد في رأيي أو في رغبتي ولم يسألني أحد موافقتي إنما الكل يقرر بدلا مني. 


جاء خالد لأمي وطلب يدي منها وأخبرها بموافقة حسن فنادتني أمي وأخبرتني وهي تنتظر رأيي فنظرت إلى خالد وأدركت أنه فعل ما فعل لينالني هو فقلت لنفسي (لا فارق بينهم جميعا.

كلهم يسعون نحو جسدي ولا أحد يفكر في قلبي) فقلت له: موافقة
فقالت أمي:
-من حقه أن يرى وجهك
- لقد رأى مافيه الكفاية.
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -