إعراب و تفسير سورة البقرة سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ ما وَلاَّهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (142) تفسير سورة البقرة
إعراب سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب
⬤ اعراب سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ: السين: حرف استقبال «تسويف» للمستقبل القريب.
يقول: فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة.
السفهاء: فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة.
من الناس: جار ومجرور متعلق بحال محذوف من «السُّفَهاءُ»، «مِنَ» حرف جر بياني.
⬤ ما وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ: ما: اسم استفهام مبني على السكون في محل رفع مبتدأ ولاهم: فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر.
والفاعل: ضمير مستتر جوازا تقديره: هو.
الهاء: ضمير متصل مبني على الضم في محل نصب مفعول به.
والميم: علامة جمع المذكرين.
والجملة الفعلية «وَلَّاهُمْ» في محل رفع خبر المبتدأ «ما» عن قبلتهم: جار ومجرور متعلق بولاهم.
و «هم» ضمير الغائبين في محل جر بالاضافة.
وجملة «ما وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ» في محل نصب مفعول به «مقول القول» أي ما الذي صرفهم عنها.
⬤ الَّتِي كانُوا عَلَيْها: التي: اسم موصول مبني على السكون في محل جر صفة للقبلة.
كانوا: فعل ماض ناقص مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة.
الواو: ضمير متصل في محل رفع اسم «كان» وجملة «كانُوا» صلة الموصول لا محل لها.
عليها: جار ومجرور متعلق بخبر «كان».
⬤ قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ: قل: فعل أمر مبني على السكون وحذفت واوه لالتقاء الساكنين.
والفاعل: ضمير مستتر وجوبا تقديره: أنت.
لله: اللام: حرف جر.
واسم الجلالة: اسم مجرور للتعظيم بمن وعلامة الجر الكسرة وشبه الجملة «لِلَّهِ» متعلق بخبر مقدم.
المشرق: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة.
والمغرب: الواو: حرف عطف.
المغرب: اسم معطوف على «الْمَشْرِقُ» مرفوع مثله بالضمة.
وجملة «لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ» في محل نصب مفعول به «مقول القول».
⬤ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ: يهدي: فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل: ضمير مستتر جوازا تقديره: هو.
من: اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به.
يشاء: فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل: ضمير مستتر جوازا تقديره: هو.
وجملة «يَشاءُ» صلة الموصول وجملة «يَهْدِي» في محل نصب حال.
⬤ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ: جار ومجرور متعلق بيهدي.
مستقيم: صفة لصراط مجرورة مثله بالكسرة.
إعراب و تفسير سورة البقرة سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب تفسير سورة البقرة
تفسير سورة البقرة
[ قيل المراد بالسفهاء هاهنا : المشركون ; مشركو العرب ، قاله الزجاج . وقيل : أحبار يهود ، قاله مجاهد . وقيل : المنافقون ، قاله السدي . والآية عامة في هؤلاء كلهم ، والله أعلم ] .
قال البخاري : حدثنا أبو نعيم ، سمع زهيرا ، عن أبي إسحاق ، عن البراء ، رضي الله عنه ; أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى إلى بيت المقدس ستة عشر شهرا أو سبعة عشر شهرا ، وكان يعجبه أن تكون قبلته قبل البيت ، وأنه صلى أول صلاة صلاها ، صلاة العصر ، وصلى معه قوم . فخرج رجل ممن كان صلى معه ، فمر على أهل المسجد وهم راكعون ، فقال : أشهد بالله لقد صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم قبل مكة ، فداروا كما هم قبل البيت .
وكان الذي مات على القبلة قبل أن تحول قبل البيت رجالا قتلوا لم ندر ما نقول فيهم ، فأنزل الله عز وجل ( وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرءوف رحيم )
انفرد به البخاري من هذا الوجه . ورواه مسلم من وجه آخر .
وقال محمد بن إسحاق : حدثني إسماعيل بن أبي خالد ، عن أبي إسحاق ، عن البراء ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي نحو بيت المقدس ، ويكثر النظر إلى السماء ينتظر أمر الله ، فأنزل الله : ( قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام ) فقال رجال من المسلمين : وددنا لو علمنا علم من مات منا قبل أن نصرف إلى القبلة . وكيف بصلاتنا نحو بيت المقدس ؟ فأنزل الله : ( وما كان الله ليضيع إيمانكم ) وقال السفهاء من الناس ، وهم أهل الكتاب : ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها ؟ فأنزل الله : ( سيقول السفهاء من الناس ) إلى آخر الآية .
تفسير سورة البقرة ابن كثير سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب تفسير سورة البقرة
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة ، حدثنا الحسن بن عطية ، حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن البراء قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد صلى نحو بيت المقدس ستة عشر أو سبعة عشر شهرا . وكان يحب أن يوجه نحو الكعبة ، فأنزل الله : ( قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام ) .
قال : فوجه نحو الكعبة . وقال السفهاء من الناس ، وهم اليهود : ( ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها ) فأنزل الله ( قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم )
وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة ، أمره الله أن يستقبل بيت المقدس ، ففرحت اليهود ، فاستقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعة عشر شهرا ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب قبلة إبراهيم . فكان يدعو الله وينظر إلى السماء ، فأنزل الله عز وجل : ( فولوا وجوهكم شطره ) أي : نحوه . فارتاب من ذلك اليهود ، وقالوا : ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها ؟ فأنزل الله : ( قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ) .
اعراب سيقول السفهاء من الناس
وقد جاء في هذا الباب أحاديث كثيرة ، وحاصل الأمر أنه قد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر باستقبال الصخرة من بيت المقدس ، فكان بمكة يصلي بين الركنين ، فتكون بين يديه الكعبة وهو مستقبل صخرة بيت المقدس ، فلما هاجر إلى المدينة تعذر الجمع بينهما . فأمره الله بالتوجه إلى بيت المقدس ، قاله ابن عباس والجمهور ، ثم اختلف هؤلاء هل كان الأمر به بالقرآن أو بغيره ; على قولين ، وحكى القرطبي في تفسيره عن عكرمة وأبي العالية والحسن البصري أن التوجه إلى بيت المقدس كان باجتهاده عليه الصلاة والسلام .
والمقصود أن التوجه إلى بيت المقدس بعد مقدمه صلى الله عليه وسلم المدينة ، فاستمر الأمر على ذلك بضعة عشر شهرا ، وكان يكثر الدعاء والابتهال أن يوجه إلى الكعبة ، التي هي قبلة إبراهيم ، عليه السلام ، فأجيب إلى ذلك ، وأمر بالتوجه إلى البيت العتيق ، فخطب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس ، وأعلمهم بذلك . وكان أول صلاة صلاها إليها صلاة العصر ، كما تقدم في الصحيحين من رواية البراء . ووقع عند النسائي من رواية أبي سعيد بن المعلى : أنها الظهر . وأما أهل قباء ، فلم يبلغهم الخبر إلى صلاة الفجر من اليوم الثاني ، كما جاء في الصحيحين ، عن ابن عمر أنه قال : بينما الناس بقباء في صلاة الصبح ، إذ جاءهم آت فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أنزل عليه الليلة قرآن وقد أمر أن يستقبل الكعبة ، فاستقبلوها . وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة .
تفسير سورة البقرة
تفسير سورة البقرة
وفي هذا دليل على أن الناسخ لا يلزم حكمه إلا بعد العلم به ، وإن تقدم نزوله وإبلاغه ; لأنهم لم يؤمروا بإعادة العصر والمغرب والعشاء ، والله أعلم .
ولما وقع هذا حصل لبعض الناس من أهل النفاق والريب والكفرة من اليهود ارتياب وزيغ عن الهدى وتخبيط وشك ، وقالوا : ( ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها ) أي : ما لهؤلاء تارة يستقبلون كذا ، وتارة يستقبلون كذا ؟ فأنزل الله جوابهم في قوله : ( قل لله المشرق والمغرب ) أي : الحكم والتصرف والأمر كله لله ، وحيثما تولوا فثم وجه الله ، و ( ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله ) [ البقرة : 177 ] أي : الشأن كله في امتثال أوامر الله ، فحيثما وجهنا توجهنا ، فالطاعة في امتثال أمره ، ولو وجهنا في كل يوم مرات إلى جهات متعددة ، فنحن عبيده وفي تصريفه وخدامه .
حيثما وجهنا توجهنا ، وهو تعالى له بعبده ورسوله محمد صلوات الله وسلامه عليه وأمته عناية عظيمة ; إذ هداهم إلى قبلة إبراهيم ، خليل الرحمن ، وجعل توجههم إلى الكعبة المبنية على اسمه تعالى وحده لا شريك له ، أشرف بيوت الله في الأرض ، إذ هي بناء إبراهيم الخليل ، عليه السلام ، ولهذا قال : ( قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ) .
وقد روى الإمام أحمد ، عن علي بن عاصم ، عن حصين بن عبد الرحمن ، عن عمر بن قيس ، عن محمد بن الأشعث ، عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني في أهل الكتاب : " إنهم لا يحسدوننا على شيء كما يحسدوننا على يوم الجمعة ، التي هدانا الله لها وضلوا عنها ، وعلى القبلة التي هدانا الله لها وضلوا عنها ، وعلى قولنا خلف الإمام : آمين "